روايتي اليوم لكم صغيرة بحجمها كبيرة بمعانيها .
مرضت أمي فقرر الطبيب إجراء عملية جراحية لها لذا لازمت سرير المشفى لفترة من الزمن .
في ذلك المكان رأيتها إمرأة عجوز منهكة القوى أتعبها المرض ، تجلس هناك وحيدة فوق السرير لا يزورها أحد .
كانت أختي أحيانا تجلس معها تحادثها تجالسها لكنها منطوية على نفسها تتحدث بأقل قدر من الكلمات لكأنها تخشى بأن يبوح لسانها بما تخشاه .
بينما كانت أختي تسير في ممر المشفى إذ بها تلتقي صديقة قديمة لها فابتسمت تصافحتا ثم سألتها عن سبب تواجدها هناك وعندما علمت قدمت مع أختي لزيارة أمي .
ما ان شاهدت المرأة العجوز صديقة أختي حتى ارتعبت حتى لأوشكت عيناها أن تغادر محجريهما ثم ما لبثت أن أنزلت لرأسها وطأطأت .
تعرفتها صديقة أختي فذهبت إليها مسلمتاً مصافحة وقد نادتها بإسمها أم فلان فابتسمت بثغرها ابتسامة صفراء وعينها قد ذبلت مدت لها يداً مرتعشة وسلمت.
جلسوا معها ليحادثوها لكنها كعادتها قليلة الكلام ، وقبل أن ينصرفوا رمت صديقة أختي بنظرة كسيرة حييةٍ يملؤها الرجاء .
وبعد أن غادرتا تنهدت أختي ( مسكينة هي مقطوعة من شجرة ).
مقطوعة من شجرة ! من ذا الذي قال لك ِ بأنها مقطوعة من شجرة ؟ مسكينة هي نعم لكنها أم لإبن بالغ وجدة .
- محال خمسة أيام مرت ولم يزرها أحد !
نظرت إليها صديقتها ثم قالت : لاتعجبي مسكينة هي طيبة جارتنا أعرفها أحببتها في صغري لطالما شاكستها عاندتها فكانت دوماً تبتسم .
سعيدة كانت هي بإبنها بعزها وفخرها مات أبوه تاركاَ طفلاَ وحيد . ربته . حرمة نفسها وأعطته .
كبر ابنها وبلغ مبلغ الرجال فتزوج وجاء بزوجته إلى بيته إلى بيت أمه لتنفتح في وجهها أبواب من العذاب .
زوجة ابنها تلك ما أحسستها إنسانة قط طويلة اللسان طويلة اليدين تفننت في سبها في شتمها في ضربها في كل حين .
تلتمس لنفسها الأعذار كي تضربها تهينها لأنها كما تقول ( شرط زواجي كان أن يكون لي بيتاً يضمني أنا وزوجي وحدنا ) فلا أريد أمه في منزلي أريدها بعيدة قصيتا عني فابنها قد غدا ملكي لا حق تملكه فيه فلتحمد الله لأنه مازال يطعمها ما زال يكسوها .
لعلك قد تسألين أين ابنها ............... ابنها ذاك الذي يعيش في ظلال زوجته مقيدا مكبلا لأنه يخافها إذ أنها لطالما قد هددته بالرحيل ومعها أبناءها .
يومان قد مرا على ذاك الحديث . كنا هناك جميعنا بالقرب من سرير أمي جالسين وإذ بها قد وقفت ( أي العجوز ) مهتزتا مسرعتا تسير .......... ابني حبيبي ولدي ....... أمسكها الرجل ، ذاك الذي كان يسير نحوها منكس لرأسه وقادها نحو السرير . أبصرتها سعيدة باسمة كأنما قد منحت هدية ثمينة ليس لها مثيل .
تمت