:: هل هناك سر؟! ::

:: هل هناك سر؟! ::
كم كبرتِ يا صغيرتي!
يا الله .. لم أتخيل أن تصبحي بهذا الجمال وأن تكبري بهذه السرعة ..

كانت هذه الخواطر ترددهاأم علياءوهي تتصفحألبوم الصور الذي يحتوي على صور العائلة .. أو بالأحرى صور علياء ابنتهاالوحيدة

علياءفتاةفي السابعة عشر من عمرها .. فتاه مرحة جدا ً .. جميلة ودائما ما تكون محط الأنظار .. لبساطتها وطيبتها


عاشت علياء مع والدتها و والدها .. فيمنزلهم الصغير
لم تعرف يوما ً لهم قريب.. ولم تسمعيوما ً والدتها أو والدها يتحدثان عن أقربائهم
حتى ظنت أنهم ليسوا منأبناء هذا البلد!

شعرت دائما ً بأن هناك سرا ً يخفيهالوالدان .. فكلما تحدثت معهم في موضوع الأقارب .. لاحظت استيائهم وتهربهم منالإجابة
ومع مرور الزمن .. اعتادت على الأمرواحتراما ً لهما لم تسألهما أبدا ً

لم تعرف في حياتها .. إلاأم أحمدجارتهم .. وكاتمةأسرار والدتها
أكثر ما كان يثير فضولها .. هي تلكالغرفة المغلقة .. التي لا يسمح لها بالدخول إليها أو حتى الاقتراب منها .. شعرتدائما بأن هناك سر مدفون وراء ذلك الباب .. وبأن تلك الغرفة تحتوي على أمور ستغيرمن مجرى حياتها إن عرفتها

لم يكن يسمح لها بالنقاش أو التحدث عنأمر هذه الغرفة !! حتى تيقنت أنها لن تكتشف هذا السر أبدا ً.. فاستسلمت للأمرالواقع

حتى جاء ذلك اليوم ..

أم علياء:علياء، هل تودين الذهاب معناللتسوق؟
علياء:كلا ياأمي .. فلدي الكثير لأنجزه للغد للمدرسة.
أمعلياء:حسنا ً إذا .. سنذهب أنا وأبيك وسنعود في المساء .. احكمي إغلاقالباب بعد خروجنا
علياء:حسنا "وهي منهمكة في المذاكرة"


بعد مرور 3 ساعات تقريبا ً من خروجالأم والأب .. رن هاتف المنزل

وكانت المفاجأة التي لم تتوقعهاعلياء!!

كانت المحادثة من المستشفى .. ينقلونلها خبر تعرض والديها لحادث مرير .. ويطالبونها بالحضور حالاً

لم تستوعب علياء الكثير .. ولم يطل انتظارها لتستوعب .. بل أسرعت لمنزلجارتها أم أحمد طلبا ً للعون .. ولنقلها للمستشفى في أسرعوقت

وليتها لم تستعجل .. فلم يكن للعجلة أيفائدة

فلقد فارقت روحيهما الحياة منذ ساعات!!



مرت الأيام ثقيلة عليها.. فبعد أن كانتالفتاة المرحة المبتهجة .. أصبحت الفتاة الشاحبةالشاردة
لم تستطع الدخول للاختبارات هذه السنة .. وفضلت أن تؤجل دراستها .. رغم أنها كانت سنتهاالأخيرة


في المقابل أم أحمد لم تفارقها .. بلانتقلت للمبيت معها .. لفترة من الوقت وخاصة في الأيام الأولى من وفاةوالديها



ولكن هل سيطول هذا المبيتلديها؟!
فهي أيضا لديها حياتها الخاصة .. زوجهاو أبنائها
لم تعرف أم أحمد كيف يمكن لها أن تنتشلهذه الزهرة الذابلة من حزنها .. فقد أصبحت شبه ميتة بعد فراق والديها .. الذين لاتملك غيرهما في الحياة

وبعد تفكير عميق .. توصلتللحل..

والحل يكمن خلف ذالك الباب!
الباب السري كما كانت تسميهعلياء


في وقت مبكر من تلك الليلة .. وبعد مضيأسبوعين من وفاة والدي علياء ، أعدت أم أحمد كوب من عصير البرتقال .. لعلياء .. وأخذته لغرفتها
كانت علياء تدعي النوم .. كما كانتتفعل دائما ًحتى تتجنب الحديث مع جارتها .. فالحديث معها يدمي قلبها .. فهو شبيهبحديثها مع والدتها الراحلة


دخلت أم أحمد إلى الغرفة ،، وفتحتالأنوار
وبصوت خافت ،، أيقظت علياء

أم أحمد:علياء آسفة لإزعاجك .. ولكن يجب أننتحدث قليلا ً .. فهناك أمر هام أريد أن أحدثك به ، ولكن قبل حديثنا خذي هذا الكأسمن العصير واشربيه

علياء شاردة الذهن .. تفكر في هذهالمسألة الهامة التي جعلت أم أحمد توقظها لتحدثها بها .. هل تريد الانتقاللمنزلها؟! ولم لا؟ فهي لازمتني لأكثر من أسبوعين .. ولها منزلها وأبنائها و و ......

قاطعت أفكارهاأمأحمدقائلة: علياء .. كانت والدتك أكثر من أخت لي .. وكانت تأتمنني على جميعأسرارها .. ولم أتخيل يوما ً بأنني سأكشف عن سر من أسرارها لأي شخص كان .. ولكنالظروف تجبرنا أحيانا بفعل ذلك

شعرت علياء بالقلق .. وبدأت ضرباتقلبها تتصاعد .. وأنفاسها تتقطع..
ولكنها لم تنطق بحرفواحد

أم أحمدمسترسلة في حديثها :
جاء اليوم الذي تعلمين فيه بأمر البابالسري .. وما تحتويه هذه الغرفة من أسرار .. قد تبدل حياتك وقد لا تفعل .. فالأمرراجع لك

ولكن أرى نفسي مجبرة على أن أطلعكبالسر!

أمسكت أم أحمد بيد علياء .. وفتحتها .. ووضعت داخلها مفتاحا .. مفتاح الغرفة .. مفتاحالسر!!

اذهبي للغرفة إن شئت ِ وافتحي الباب
واكتشفي السر .. الذي أخفوه عنك والديك


علياءشاحبة .. خائفة مترددة : هل أفعل؟ هل أستطيع ذلك فعلا؟ هل يحق ليذلك؟
لا .. لا أريد
أريد أن يظل الأمر سرا ً .. كما أرادتوالدتي .. وكما أراد والدي
لا لنأفعل
أم أحمدوعيناها ممتلئتان بالدموع : اعلمي ياعلياء بأن والدتك كانت لترغب بفعل ذلك .. ولكنها أجلت الموضوع حتى تطمئن علىمستقبلك الدراسي والمهني أو ربما بعد زواجك

لكنها كانت ستخبركبالأمر

فاذهبي الآن إن أردت ِ .. ولا تصعبيالأمور علي أكثر من ذلك
ذهبت علياء .. بخطوات غير ثقيلة .. لأول مرة تشعر بأن الغرفة بعيدة جدا ً .. وأن الممر أصبح طويل جداً

وقفت أمام باب الغرفة مترددة ..
هل أفتح أولا؟
ماذا لو كان هناك ما لا أريد أن أعرفه؟
هل أفعل؟
مرت ربما خمس دقائق أو أكثر .. كانت لها كخمس ساعات أوأكثر

أخيرا ً .. قررت أن.......


.
.


فماذا ستقرر؟
وماهو السر يا ترى؟
كان هذا هو السؤال الذي يدور في خلد علياء ماذا ستقرر هل تفتح الباب و تكتشف الاسرار ام ..........
توقف تفكير علياء عندما وضعت يدها على مقبض الباب و ذهبت بافكارها الى ايام مضت حيث لا اسرار و لا احزان
ايام كانت تلعب و تضحكـ فيها بكل سعادة الدنيا
ايام كانت تسمع فيها صوت ابيها وهو يقراء القران الكريم بكل خشوع و ايمان
ايام كانت تشم بها رائحة الطعام الذكية الذي تعدهـ و الدتها بكل حب و مودة
ايام كانت تراى ابيها فيها وهو يعود من عمله و ينتظر ان تقفز اليها طفلته الحبيبة و يضمها بين ذراعيه بكل شوق وهي تعبث بجيوب ثوبه بحثا عن الحلوى التي اعتاد ان يحضرها لها عندما يعود من الخارج
ايام كانت ترى نظرة و الدتها الغاضبه من ابيها ومن حلوها التي سوف تفسد اسنانها و وتتسبب في عدم نمو جسدها بشكل صحي
ايام كانت تشعر بيد والدها على راسها وهو يتفقدها عندما توى الى الفراش
ايام تسمع صوت امها و هي تلهجى بدعاء لبنتها الوحيدة و تتضرع للرب العباد ان يحميها و يحقق امالها فيها
ايام و ايام و ايام
حيث لا هم لها بدنيا سوى ان تسعى لتحقيق حلم و الديها بها
وان ان تكون علياء العاليه بسماء العلم و الطب
نزلت الدموع من عيون علياء وهي تتذكر تلكـ الايام السعيدة و تقول هل ستعود يوم ؟؟؟؟
ونظرت الى ام احمد و قالت : خالتي هل تعرفين هذا السر ؟
فقالت ام احمد : بصوت ضعيف كله اشفاق على هذه الطفله ...: نعم يا بنتي !!!
فقالت علياء : هل هذا سر سيعد لي و الدي الحبيب و امي الحنون ؟
هل هذا السر سيعد لي امي لتعتني بي يوم امرض ؟
هل هذا السر سيعد لي ابي لكي يساعدني في مذاكرة دروسي ؟ و اسمعه يقول متى تكبرين و ارئكـِ طبيبة يشار اليها ببنان ؟
هل سيشعرني بحضن امي الدفئ ؟
هل هذا السر سيجعلني ارى عينى والدتي و هي تذرف الدموع الفرح لنجاحي و تفوقي و كلها فخر و سعادة ببنتها يوم حضورها حفل تخرجي من الجامعة .. و اسمع مباركتها لي و ارى فخرها بي امام صديقاتي و استاذتي ؟؟
هل ستجعلني ارى وجه و الدي وهو فخور بي و قد حققت حلمة و اصبح والد الطبيبة علياء ؟
هل ستجعلني اسمع صوتهما وهما يتفاخران بي امام اصدقائمهم و الجيران و يقولن ابنتانا عن مئة رجل ؟ ابنتنا الطبيبة علياء رفعة راسنا و حققة احلمنا ؟؟
هل ستجعلني ارى ابي وهو ممسكنا بيدي و يزفني الى عريسي و هو سعيد و مبتهج ؟؟
هل ساسمع صوت امي وهي توصيني على زوجي و تحرصني على اداء واجباتي بطريقة صحيحة؟؟
هل ساسمع زغاريد الفرح التي تصدر من قلب امي يوم تراني في حفل زفافي ؟ ام يوم ازف اليها بشر حملي باول احفادها؟
هل ساشعر بيدي امي الحانية وهي ممسكة بيدي يوم ولدتي لاطفالي ؟
هل سارى و الدي وهو يلعب مع حفيدة الاول و اشعر بالغيرة من طفلتي التي ستحتل مكاني لدى ابي وهي تبحث عن الحلوى في جيب ثوبه ؟
هل سيجيب هذا السر على سؤال طفلي عندم يقول اين جداي ؟ لماذا ليس لي جد و جدة مثل كل اصدقائي ؟
هل هذا السر سيعوضني عن ابي و امي و يعودهمــا اللي ياخالتي ؟
نظرت ام احمد الى عليا و كلها حزن و اسف وهي لا تملكـ الجواب الشافي للسؤال عليا
فقالت علياء بصوت قوي حازم :
اذن ما فائدته لي ؟
ما فائدة لو كان هذا سر سيجعلني اميرة او ملكة.. دون ابي و امي ؟
ما فائدته لو منحني اقارب و اشقاء .. دون ابي و امي ؟
ما فائدته قولي لي هل هناكـ في الدنيا سر يفوق اهمية والدي ؟؟؟؟؟
خالتي لا اهمية للاسرار اذ انعدم وجود الاباء
لا اهميـــــــــــــــــــــــــــــــــــة
لا قيمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
لا فــــــــــــــــــــــــــــــــــــــائدة
فهذا السر كان ذا قيمة عندما كان ابواي موجودا على قيد الحياة .. ام الان ........
و صمتت وشعرت بغصة و مرارة للكلمات تفوق قدرتها على الكلام
ونظرة بنظرة حزينه- لكنها مليئة بثقة و الايمان بقرار الذي اتخذته - الى ام احمد و قالت:
لا اريد ان تذكري هذا الموضوع بعد اليوم فلا سر سيكون باهميتهما ولا شيء يصل الى درجة حبي لهما
و ازالت علياء يدها من مقبض الباب و اخذت المفتاح و سارت به الى سور البيت ثم نظرة نظرة الى سماء و كانها تودع والديها الغاليين و قالت
سياتي يوم و كون كما تتمنين دوما
علياء العالية في السماء
الى رحمة الله يا اغلى الخلق
و رمة المفتاح الى سماء....
وسارت في طريق الذي و عدت والديها يوم ان تسير به و تجعلهما فخورين بها حتى وهما في السماء
............